فصل: باب ما يبنى على أفعل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكتاب **


الجزء الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم

  هذا باب بناء الأفعال

التي هي أعمال تعداك إلى غيرك وتوقعها به ومصادرها فالأفعال تكون من هذا على ثلاثة أبنية‏:‏ على فعل يفعل وفعل يفعل وفعل يفعل‏.‏

ويكون المصدر فعلاً والاسم فاعلاً‏.‏

فأما فعل يفعل ومصدره فقتل يقتل قتلاً والاسم قاتل وخلقه يخلقه خلقاً والاسم خالق ودقه يدقه دقاً والاسم داقٌّ‏.‏

وأما فعل يفعل فنحو‏:‏ ضرب يضرب ضرباً وهو ضاربٌ وحبس يحبس حبساً وهو حابس‏.‏

وأما فعل يفعل ومصدره والاسم فنحو‏:‏ لحسه يلحسه لحساً وهو لاحسٌ ولقمه يلقمه لقماً وهو لاقمٌ وشربه يشربه شرباً وهو شاربٌ وملجه يملجه ملجاً وهو مالج‏.‏

وقد جاء بعض ما ذكرنا من هذه الأبنية على فعول‏.‏

وذلك‏:‏ لزمه يلزمه لزوماً ونهكه ينهكه نهوكاً ووردت وروداً وجحدته جحوداً شبهوه بجلس جلوساً وقعد يقعد قعوداً وركن يركن ركوناً لأن بناء الفعل واحد‏.‏

وقد جاء مصدر فعل يفعل وفعل يفعل على فعلٍ وذلك‏:‏ حلبها يحلبها حلباً وطردها يطردها وقد جاء المصدر أيضاً على فعل وذلك‏:‏ خنقه يخنقه خنقاً وكذب يكذب كذباً وقالوا‏:‏ كذاباً جاءوا به على فعالٍ كما جاء على فعولٍ‏.‏

ومثله حرمه يحرمه حرماً وسرقه يسرقه سرقاً‏.‏

وقالوا‏:‏ عمله يعمله عملاً فجاء على فعلٍ كما جاء السرق والطلب‏.‏

ومع ذا أن بناء فعله كبناء فعل الفزع ونحوه فشبه به‏.‏

وقد جاء من مصادر ما ذكرنا على فعلٍ وذلك نحو‏:‏ الشرب والشغل‏.‏

وقد جاء على فعلٍ نحو‏:‏ فعله فعلاً ونظيره‏:‏ قاله قيلاً‏.‏

وقالوا‏:‏ سخطه سخطاً شبهوه بالغضب حين اتفق البناء وكان المعنى نحواً منه يدلك ساخطٌ وسخطته أنه مدخل في باب الأعمال التي ترى وتسمع وهو موقعه بغيره‏.‏

وقالوا‏:‏ وددته وداً مثل شربته شرباً‏.‏

وقالوا‏:‏ ذكرته ذكراً كحفظته حفظا‏.‏

وقالوا‏:‏ ذكراً كما قالوا شرباً‏.‏

وقد جاء شيء من هذه الأشياء المتعدية التي هي على فاعلٍ على فعيلٍ حين لم يريدوا به الفعل شبهوه بظريفٍ ونحوه قالوا‏:‏ ضريب قداحٍ وصريمٌ للصارم‏.‏

والضريب‏:‏ الذي يضرب بالقداح بينهم‏.‏

وقال طريف بن تميم العنبري‏:‏ يريد‏:‏ عارفهم‏.‏

وقد جاء بعض مصادر ما ذكرنا على فعال كما جاء على فعولٍ وذلك نحو‏:‏ كذبته كذاباً وكتبته كتاباً وحجبته حجاباً وبعض العرب يقول‏:‏ كتباً على القياس‏.‏

ونظيره‏:‏ سقته سياقاً ونكحها نكاحاً وسفدها سفاداً‏.‏

وقالوا‏:‏ قرعها قرعاً‏.‏

وقد جاء بعض مصادر ما ذكرنا على فعلانٍ وذلك نحو‏:‏ حرمه يحرمه حرمانا ووجد الشيء يجده وجداناً‏.‏

ومثله أتيته آتيه إتياناً وقد قالوا‏:‏ أتياً على القياس‏.‏

وقالوا‏:‏ لقيه لقياناً وعرفه عرفاناً‏.‏

وثل هذا‏:‏ رئمه رئمانا وقالوا‏:‏ رأماً‏.‏

وقالوا‏:‏ حسبته حسباناً ورضيته رضواناً‏.‏

وقد قالوا‏:‏ سمعته سماعاً فجاء على فعالٍ كما جاء على فعولٍ في لزمته لزوماً‏.‏

وقالوا‏:‏ غشيته غشياناً كما كان الحرمان ونحوه‏.‏

وقد جاء على فعلانٍ نحو الشكران والغفران‏.‏

وقالوا‏:‏ الشكور كما قالوا‏:‏ الجحود‏.‏

فإنما هذا الأقل نوادر تحفظ عن العرب ولا يقاس عليها ولكن الأكثر يقاس عليه‏.‏

وقالوا‏:‏ الكفر كالشغل وقالوا‏:‏ سألته سؤالا فجاءوا به على فعالٍ كما جاءوا بفعالٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ نكيت العدو نكاية وحميته حماية وقالوا‏:‏ حمياً على القياس‏.‏

وقالوا‏:‏ حميت المريض حميةً كما قالوا‏:‏ نشدته نشدةً‏.‏

وقالوا‏:‏ الفعلة نحو الرحمة واللقية‏.‏

ونظيرها‏:‏ خلته خيلة‏.‏

وقالوا‏:‏ نصح نصاحة وقالوا‏:‏ غلبه غلبةً كما قالوا‏:‏ نهمةٌ وقالوا‏:‏ الغلب كما قالوا‏:‏ السرق‏.‏

وقالوا‏:‏ ضربها الفحل ضراباً كالنكاح والقياس ضربا ولا يقولونه كما لا يقولون نكحاً وهو القياس‏.‏

وقالوا‏:‏ دفعها دفعا كالقرقع وذقطها ذقطاً وهو النكاح ونحوه من باب المباضعة‏.‏

وقالوا‏:‏ سرقةٌ كما قالوا‏:‏ فطنةٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ لويته حقه ليانا على فعلانٍ وقالوا‏:‏ رحمته رحمةً كالغلبة‏.‏

وأما كل عملٍ لم يتعد إلى منصوب‏.‏

فإنه يكون فعله على ما ذكرنا في الذي يتعدى ويكون الاسم فاعلاً والمصدر يكون فعولاً وذلك نحو‏:‏ قعد قعوداً وهو قاعد وجلس جلوساً وهو جالسٌ وسكت سكوتاً وهو ساكتٌ وثبت ثبوتاً وهو ثابتٌ وذهب ذهوبا وهو ذاهبٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ الذهاب والثبات فبنوه على فعال كما بنوه على فعولٍ والفعول فيه أكثر‏.‏

وقالوا‏:‏ ركن يركن ركوناً وهو راكنٌ‏.‏

وقد قالوا في بعض مصادر هذا فجاء به على فعلٍ كما جاءوا ببعض مصادر الأول على فعولٍ وذلك قولك‏:‏ سكت يسكت سكتاً وهدأ الليل يهدأ هدءاً وعجز عجزاً وحرد يحرد حرداً وقالوا‏:‏ لبث لبثاً فجعلوه بمنزلة عمل عملاً وهو لابثٌ يدلك على أنه من هذا الباب‏.‏

وقالوا‏:‏ مكث يمكث مكوثاً كما قالوا‏:‏ قعد يقعد قعوداً‏:‏ وقال بعضهم‏:‏ مكث شبهوه بظرف لأنه فعل لا يتعدى كما أن هذا فعلٌ لا يتعدى وقالوا‏:‏ المكث كما قالوا‏:‏ الشغل وكما قالوا‏:‏ القبح إذ كان بناء الفعل واحداً‏.‏

وقال بعض العرب‏:‏ مجن يمجن مجناً كما قالوا‏:‏ الشغل‏.‏

وقالوا‏:‏ فسق فسقاً كما قالوا فعل فعلاً وقالوا‏:‏ حلف حلفاً كما قالوا‏:‏ سرق سرقاً‏.‏

وأما دخلته دخولاً وولجته ولوجاً فإنما هي ولجت فيه ودخلت فيه ولكنه ألقي في استخفافا كما قالوا‏:‏ نبئت زيداً وإنما يريد نبئت عن زيدٍ‏.‏

ومثل الحارد والحرد‏:‏ حميت الشمس تحمى حمياً وهي حاميةٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ لعب يلعب لعبا وضحك يضحك ضحكاًن كما قالوا الحلف‏.‏

وقالوا‏:‏ حج حجاً كما قالوا‏:‏ ذكر ذكراً‏.‏

وقد جاء بعضه على فعالٍ كما جاء على فعالٍ وفعولٍ قالوا‏:‏ نعس نعاساً وعطس عطاساً ومزح مزاحاً‏.‏

وأما السكات فهو داءٌ كما قالوا‏:‏ العطاس‏.‏

فهذه الأشياء لا تكون حتى تريد الداء جعل وقالوا‏:‏ عمرت الدار عمارةً فأنثوا كما قالوا‏:‏ النكاية وكما قالوا‏:‏ قصرت الثوب قصارة حسنة‏.‏

وأما الوكالة والوصاية والجراية ونحوهن فإنما شبهن بالولاية لأن معناهن القيام بالشيء‏.‏

وعليه الخلافة والإمارة والنكابة والعرافة وإنما أردت أن تخبر بالولاية‏.‏

ومثل ذلك الإيالة والعياسة والسياسة‏.‏

وقد قالوا‏:‏ العوس‏.‏

كما أنك قد تجيء ببعض ما يكون من داءٍ على غير فعالٍ وبابه فعالٌ كما قالوا‏:‏ الحبط والحج والغدة‏.‏

وهذا النحو كثير‏.‏

وقالوا‏:‏ التجارة والخياطة والقصابة وإنما أرادوا أن يخبروا بالصنعة التي يليها فصار بمنزلة الوكالة‏.‏

وكذلك السعاية إنما أخبر بولايته كأنه جعله الأمر الذي يقوم به‏.‏

وقالوا‏:‏ فطنةٌ كما قالوا‏:‏ سرقةٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ رجح رجاحناً كما قالوا‏:‏ الشكران والرضوان‏.‏

وقالوا في أشياء قرب بعضها من بعض فجاءوا به على فعالٍ وذلك نحو الصراف في الشاء لأنه هياجٌ فشبه به كما شبه ما ذكرنا بالولاية لأن هذا الأصل كما أن ذاك هو الأصل‏.‏

ومثله الهباب والقراع لأنه يهيج فيذكر‏.‏

وقالوا‏:‏ الضبعة كما قالوا‏:‏ العوس‏.‏

وجاءوا بالمصادر حين أرادوا انتهاء الزمان على مثال فعالٍ وذلك‏:‏ الصرام والجزاز والجداد والقطاع والحصاد‏.‏

وربما دخلت اللغة في بعض هذا فكان فيه فعالٌ وفعالٌ فإذا أرادوا الفعل على فعلت قالوا‏:‏ حصدته حصداً وقطعته قطعاً إنما تريد العمل لا انتهاء الغاية‏.‏

وكذلك الجز ونحوه‏.‏

ومما تقاربت معانيه فجاءوا به على مثالٍ واحد نحو الفرار والشراد والشماس والنفار والطماح وهذا كله مباعدة والضراح إذا رمحت برجلها‏.‏

يقال رمحت وضرحت فقالوا‏:‏ الضراح شبهوه بذلك‏.‏

وقالوا‏:‏ الشباب شبهوه بالشماس‏.‏

وقالوا‏:‏ النفور والشموس والشبوب والشبيب من شب الفرس‏.‏

وقالوا‏:‏ الخراط كما قالوا‏:‏ الشراد والشماس وقالوا‏:‏ الخلاء والحران‏.‏

والخلاء‏:‏ مصدر من خلأت الناقة أي حرنت‏.‏

وقد قالوا‏:‏ خلاءٌ لأن هذا فرق وتباعدٌ‏.‏

والعرب مما يبنون الأشياء إذا تقاربت على بناء واحد ومن كلامهم أن يدخلوا في تلك الأشياء غير ذلك البناء وذلك نحو‏:‏ النفور والشبوب والشب فدخل هذا في ذا الباب كما دخل الفعول في فعلته والفعل في فعلت‏.‏

وقالوا‏:‏ العضاض شبهوه بالحران والشباب ولم يريدوا به المصدر من فعلته فعلاً‏.‏

ونظير هذا فيما تقاربت معانيه قولهم‏:‏ جعلته رفاتاً وجذاذاً‏.‏

ومثله الحطام والفضاض والفتات‏.‏

فجاء هذا على مثالٍ واحد حين تقاربت معانيه‏.‏

ومثل هذا ما يكون معناه نحو معنى الفضالة وذلك نحو القلامة والقوارة والقراضة والنفاية والحسالة والكساحة والجرامة وهو ما يصرم من النخل والحثالة‏.‏

فجاء هذا على بناء واحد لما تقاربت معانيه‏.‏

ونحوه مما ذكرنا‏:‏ العمالة والخباسة وإنما هو جزاء ما فعلت والظلامة نحوها‏.‏

ونحوٌ من ذا‏:‏ الكظة والملأة والبطنة ونحو هذا لأنه في شيءٍ واحد‏.‏

وأما الوسم فإنه يجيء على فعالٍ نحو‏:‏ الخباط والعلاط والعراض والجناب والكشاح‏.‏

فالأثر يكون على فعالٍ والعمل يكون فعلاً كقولهم‏:‏ وسمت وسماً وخبطت البعير خبطاً وكشحته كشحاً‏.‏

وأما المشط والدلو والخطاف فإنما أرادوا صورة هذه الأشياء أنها وسمت به كأنه قال‏:‏ عليها صورة الدلو‏.‏

وقد جاء على غير فعالٍ نحو القرمة والجرف اكتفوا بالعمل يعني المصدر والفعلة فأوقعوهما على الأثر‏.‏

الخباط على الوجه والعلاط والعراض على العنق والجناب على الجنب والكشاح على الكشح‏.‏

ومن المصادر التي جاءت على مثال واحدٍ حين تقاربت المعاني قولك‏:‏ النزوان والنقزان وإنما هذه الأشياء في زعزعة البدن واهتزازه في ارتفاع‏.‏

ومثله العسلان والرتكان‏.‏

وقد جاء على فعالٍ نحو النزاء والقماص كما جاء عليه الصوت نحو الصراخ والنباح لأن الصوت قد تكلف فيه من نفسه ما تكلف من نفسه في النزوان ونحوه‏.‏

وقالوا‏:‏ النزو والنقز كما قالوا‏:‏ السكت والقفز والعجز لأن بناء الفعل واحدٌ لا يتعدى كما أن هذا لا يتعدى‏.‏

ومثل هذا الغليان لأنه زعزعة وتحرك‏.‏

ومثله الغثيان لأنه تجيش نفسه وتثورٌ‏.‏

ومثله الخطران واللمعان لأن هذا اضطراب وتحرك‏.‏

ومثل ذلك اللهبان والصخدان والوهجان لأنه تحرك الحر وثؤوره فإنما هو بمنزلة الغليان‏.‏

وقالوا‏:‏ وجب قلبه وجيباًن ووجف وجيفاً ورسم البعير رسيماً فجاء على فعيلٍ كما جاء على فعال وكما جاء فعيلٌ في الصوت كما جاء فعالٌ‏.‏

وذلك نحو الهدير والضجيج والقليخ والصهيل والنهيق والشحيج فقالوا‏:‏ قلخ البعير يقلخ قليخاً وهو الهدير‏.‏

وأكثر ما يكون الفعلان في هذا الضرب ولا يجيء فعله يتعدى الفاعل إلا أن يشذ شيءٌ نحو‏:‏ شنئته شنآناً‏.‏

وقالوا‏:‏ اللمع والخطر كما قالوا‏:‏ الهدر‏.‏

فما جاء منه على فعلٍ فقد جاء على الأصل وسلموه وقد جاءوا بالفعلان في أشياء تقاربت‏.‏

وذلك‏:‏ الطوفان والدوران والجولان‏.‏

شبهوا هذا حيث كان تقلباً وتصرفاً بالغليان والغثيان لأن الغليان أيضاً تقلب ما في القدر وتصرفه‏.‏

وقد قالوا‏:‏ الجول والغلي فجاءوا به على الأصل‏.‏

وقالوا‏:‏ الحيدان والميلان فأدخلوا الفعلان في هذا كما أن ما ذكرناه من المصادر قد دخل بعضها على بعض‏.‏

وهذه الأشياء لا تضبط بقياس ولا بأمر أحكم من هذا‏.‏

وهكذا مأخذ الخليل‏.‏

وقالوا‏:‏ وثب وثباً ووثوباً كما قالوا‏:‏ هدأ هدءً وهدوءاً‏.‏

وقالوا‏:‏ رقص رقصاً كما قالوا‏:‏ طلب طلباً‏.‏

ومثله خب يخب خبباً‏.‏

وقالوا‏:‏ خبيباً كما قالوا‏:‏ الذميل والصهيل‏.‏

وقد جاه شيءٌ من الصوت على الفعلة نحو الرزمة والجلبة والحدمة والوحاة‏.‏

وقالوا‏:‏ الطيران كما قالوا‏:‏ النزوان‏.‏

وقالوا‏:‏ نفيان المطر شبهوه بالطيران لأنه ينفي بجناحيه فالسحاب تنفيه أول شيء رشاً أو برداً‏.‏

ونفيان الريح أيضاً‏:‏ التراب‏.‏

وتنفي المطر‏:‏ تصرفه كما يتصرف التراب‏.‏

ومما جاءت مصادره على مثالٍ لتقارب المعاني قولك‏:‏ يئست يأساً ويآسةً وسئمت سأماً وسآمةً وزهدت زهداً وزهادةً‏.‏

فإنما جملة هذا لترك الشيء‏.‏

وجاءت الأسماء على فاعل وقالوا‏:‏ زهد كما قالوا‏:‏ ذهب وقالوا‏:‏ الزهد كما قالوا‏:‏ المكث‏.‏

وجاء أيضاً ما كان من الترك والانتهاء على فعل يفعل فعلاً وجاء الاسم على فعلٍ‏.‏

وذلك أجم يأجم أجماً وهو أجمٌ وسنق يسنق سنقاً وهو سنقٌ وغرض يغرض غرضا وهو غرضٌ‏.‏

وجاءوا بضد الزهد والغرض على بناء الغرض وذلك هوى يهوى هوى وهو هوٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ قنع يقنع قناعةً كما قالوا‏:‏ زهد يزهد زهادةً‏.‏

وقالوا قانعٌ كما قالوا‏:‏ زاهدٌ وقنعٌ كما قالوا‏:‏ غرضٌ لأن بناء الفعل واحد وأنه ضد ترك الشيء‏.‏

ومثل هذا في التقارب بطن يبطن بطناً وهو بطينٌ وبطنٌ وتبن تبناً وهو تبن وثمل يثمل ثملا وهو ثملٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ طبن يطبن طبناً وهو طبنٌ‏.‏

  باب ما جاء من الأدواء

على مثال وجع يوجع وجعاً وهو وجع لتقارب المعاني وذلك‏:‏ حبط يحبط حبطاً وهو حبطٌ وحبج يحبج حبجاً وهو حبجٌ‏.‏

وقد يجيىء الاسم فعيلاً نحو مرض يمرض مرضاً وهو مريض‏.‏

وقالوا‏:‏ سقم يسقم سقماً وهو سقيمٌ وقال بعض العرب‏:‏ سقم كما قالوا‏:‏ كرم كرماً وهو كريمٌ وعسر عسراً وهو عسيرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ السقم كما قالوا‏:‏ الحزن‏.‏

وقالوا‏:‏ حزن حزناً وهو حزينٌ جعلوه بمنزلة المرض لأنه داء‏.‏

وقالوا‏:‏ الحزن كما قالوا‏:‏ السقم وقالوا في مثل وجع يوجع في بناء الفعل والمصدر وقرب المعنى‏:‏ وجل يوجل وجلاً وهو وجلٌ‏.‏

ومثله من بنات الياء ردى يردى ردىً وهو ردٍ ولوى يلوى لوىً وهو لوٍ ووجى يوجى وجىً وهو وجٍ وعمى قلبه يعمى عمىً وهو عمٍ‏.‏

إنما جعله بلاءً أصاب قلبه‏.‏

وجاء ما كان من الذعر والخوف على هذا المثال لأنه داء قد وصل إلى فؤاده كما وصل ما ذكرنا إلى بدنه وذلك قولك‏:‏ فزعت فزعاً وهو فزعٌ وفرق يفرق فرقاً وهو فرقٌ ووجل يوجل وجلاً وهو وجلٌ ووجر وجراً وهو وجرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ أوجر فأدخلوا أفعل ههنا على فعل لأن فعلاً وأفعل قد يجتمعان كما يجتمع فعلان وفعلٌ‏.‏

وذلك قولك‏:‏ شعثٌ وأشعث وحدبٌ وأحدبٌ وجربٌ وأجرب‏.‏

وهما في المعنى نحوٌ من الوجع‏.‏

وقالوا‏:‏ كدرٌ وأكدر وحمقٌ وأحمق وقعسٌ وأقعس‏.‏

فأفعل دخل في هذا الباب كما دخل فعلٌ في أخشن وأكدر وكما دخل فعلٌ في باب فعلان‏.‏

ويقولون‏:‏ خشنٌ وأخشن‏.‏

واعلم أن فرقته وفزعته إنما معناهما فرقت منه ولكنهم حذفوا منه كما قالوا‏:‏ أمرتك الخير وقالوا‏:‏ خشيته خشيةً وهو خاشٍ كما قالوا‏:‏ رحم وهو راحمٌ فلم يجيئوا باللفظ كلفظ ما معناه ولكن جاءوا بالمصدر والاسم على ما بناء فعله كبناء فعله‏.‏

وجاءوا بضد ما ذكرنا على بنائه‏.‏

قالوا‏:‏ أشر يأشر أشراً وهو أشرٌ وبطر يبطر بطراً وهو بطرٌ وفرح يفرح فرحاً وهو فرحٌ وجذل يجذل جذلاً وهو جذلٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ جذلان كما قالوا‏:‏ كسلانٌ وكسلٌ وسكران وسكرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ نشط ينشط وهو نشيطٌ كما قالوا‏:‏ الحزين‏.‏

وقالوا‏:‏ النشاط كما قالوا‏:‏ السقام‏.‏

وجعلوا السقام والسقيم كالجمال والجميل‏.‏

وقالوا‏:‏ سهك يسهك سهكاً وهو سهكٌ وقنم قنماً وهو قنمٌ جعلوه كالداء لأنه عيبٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ قنةٌ وسهكةٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ عقرت عقراً كما قالوا‏:‏ سقمت سقماً‏.‏

وقالوا‏:‏ عاقرٌ كما قالوا‏:‏ ماكثٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ خمط خمطاً وهو خمطٌ في ضد القنم‏.‏

والقنم‏:‏ السهك‏.‏

وقد جاء على فعل يفعل وهو فعلٌ وهو فعلٌ أشياء تقاربت معانيها لأن جملتها هيج‏.‏

وذلك قولهم‏:‏ أرج يأرج أرجاً وهو أرجٌ وإنما أراد تحرك الريح وسطوعها‏.‏

وحمس يحمس حمساً وهو حمسٌ وذلك حين يهيج ويغضب‏.‏

وقالوا‏:‏ أحمس كما قالوا‏:‏ أوجر وصار أفعل ههنا وقد يدخل أفعل على فعلان كما دخل فعلٌ عليهما فلا يفارقهما في بناء الفعل والمصدر كثيراً ولشبه فعلان بمؤنث أفعل‏.‏

وقد بينا ذلك فيما ينصرف وما لا ينصرف‏.‏

وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون‏:‏ رجلٌ أهيم وهيمان يريدون شيئاً واحداً وهو العطشان‏.‏

وقالوا‏:‏ سلس يسلس سلساً وهو سلسٌ وقلق يقلق قلقاً وهو قلقٌ ونزق ينزق نزقاً وهو نزقٌ جعلوا هذا حيث كان خفةً وتحركاً مثل الحمس والأرج‏.‏

ومثله‏:‏ غلق يغلق غلقاً لأنه طيشٌ وخفةٌ‏.‏

وكذلك الغلق في غير الأناسي لأنه قد خف من مكانه‏.‏

وقد بنوا أشياء على فعل يفعل فعلاً وهو فعلٌ لتقاربها في المعنى وذلك ما تعذر عليك ولم يسهل‏.‏

وذلك‏:‏ عسر يعسر عسراً وهو عسرٌ وشكس يشكس شكساً وهو شكسٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ الشكاسة كما قالوا‏:‏ السقامة‏.‏

وقالوا‏:‏ لقس يلقس لقساً وهو لقسٌ ولحز يلحز لحزاً وهو لحزٌ‏.‏

فلما صارت هذه الأشياء مكروهةً عندهم صارت بمنزلة الأوجاع وصار بمنزلة ما رموا به من الأدواء‏.‏

وقد قالوا‏:‏ عسر الأمر وهو عسيرٌ كما قالوا‏:‏ سقم وهو سقيمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ نكد ينكد نكداً وهو نكدٌ وقالوا‏:‏ أنكد كما قالوا‏:‏ أجرب وجربٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ لحج يلحج لحجاً وهو لحجٌ لأن معناه باب فعلان ومصدره وفعله أما ما كان من الجوع والعطش فإنه أكثر ما يبنى في الأسماء على فعلان ويكون المصدر الفعل ويكون الفعل على فعل يفعل‏.‏

وذلك نحو‏:‏ ظمىء يظمأ ظمأ وهو ظمآن وعطش يعطش عطشاً وهو عطشان وصدى يصدى صدىً وهو صديان‏.‏

وقالوا‏:‏ الظماءة كما قالوا‏:‏ السقامة لأن المعنيين قريبٌ كلاهما ضررٌ على النفس وأذىً لها‏.‏

وغرث يغرث غرثاً وهو غرثان وعله يعله علهاً وهو علهان وهو شدة الغرث والحرص على الأكل‏.‏

وتقول‏:‏ عله كما تقول‏:‏ عجلٌ ومع هذا قرب معناه من وجع‏.‏

وقالوا‏:‏ طوى يطوى طوىً وهو طيان‏.‏

وبعض العرب يقول‏:‏ الطوى فيبينه على فعلٍ لأن زنة فعلٍ وفعلٍ شيء واحد وليس بينهما إلا كسرة الأول‏.‏

وضد ما ذكرنا يجيء على ما ذكرنا قالوا‏:‏ شبع يشبع شبعا وهو شبعان كسروا الشبع كما قالوا‏:‏ الطوى وشبهوه بالكبر والسمن حيث كان بناء الفعل واحداً‏.‏

وقالوا‏:‏ روى يروى رياً وهو ريان فأدخلوا الفعل في هذه المصادر كما أدخلوا الفعل فيها حين ومثله خزيان وهو الخزي للمصدر وقالوا‏:‏ الخزي في المصدر كما قالوا‏:‏ العطش اتفقت المصادر كاتفاق بناء الفعل والاسم‏.‏

وقد جاء شيءٌ من هذا على خرج يخرج قالوا‏:‏ سغب يسغب سغبا وهو ساغبٌ كما قالوا‏:‏ سلف يسفل سفلا وهو سافلٌ‏.‏

ومثله جاع يجوع جوعا وهو جائع وناع ينوع نوعا وهو نائعٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ جوعان فأدخلوها ههنا على فاعل لأن معناه غرثان‏.‏

ومثل ذلك أيضاً من العطش‏:‏ هام يهيم هيماً وهو هائمٌ لأن معناه عطشان‏.‏

ومثل هذا قولهم‏:‏ ساغبٌ وسغابٌ وجائعٌ وجياعٌ وهائمٌ وهيامٌ لما كان المعنى معنى غراث وعطاش بني على فعال كما أدخل قوم عليه فعلان إذ كان المعنى معنى غراثٍ وعطاشٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ سكر يسكر سكراً وسكراً وقالوا‏:‏ سكران لما كان من الامتلاء جعلوه بمنزلة شبعان‏.‏

ومثل ذلك ملآن‏.‏

وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون‏:‏ ملئت من الطعام كما يقولون‏:‏ شبعت وسكرت‏.‏

وقالوا‏:‏ قدحٌ نصفان وجمجمةٌ نصفى وقدحٌ قربان وجمجمةٌ قربى جعلوا ذلك بمنزلة الملآن لأن ذلك معناه معنى الامتلاء لأن النصف قد امتلأ والقربان ممتلىءٌ أيضاً إلى حيث بلغ‏.‏

ولم نسمعهم قالوا‏:‏ قرب ولا نصف اكتفوا بقارب ونصف ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون‏:‏ قرب ونصف كما قالوا‏:‏ مذاكير ولم يقولوا‏:‏ مذكير ولا مذكارٌ وكما قالوا‏:‏ أعزل وعزلٌ ولم يقولوا‏:‏ أعازل‏.‏

وقالوا‏:‏ رجلٌ شههوان وشهوى لأنه بمنزلة الغرثان والغرثى‏.‏

وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون‏:‏ شهيت شهوةً فجاءوا بالمصدر على فعلة كما قالوا‏:‏ حرت تحار حيرةً وهو حيران‏.‏

وقد جاء فعلان وفعلى في غير هذا الباب‏:‏ قالوا خزيان وخزيا ورجلان ورجلى وقالوا عجلان وعجلى‏.‏

وقد دخل في هذا الباب فاعلٌ كما دخل فعلٌ فشبهوه بسخط يسخط سخطاً وهو ساخطٌ كما شبهوا فعلٌ يفزع يفزع فزعا وهو فزعٌ وذلك قولهم نادمٌ وراجلٌ وصادٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ غضبان وغضبى وقالوا‏:‏ غضب يغضب غضباً جعلوه كعطش يعطش عطشاً وهو عطشان لأن الغضب يكون في جوفه كا يكون العطش‏.‏

وقالوا‏:‏ ملآنةٌ شبهوه بخمصانةٍ وندمانةٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ ثكل يثكل ثكلاً وهو ثكلان وثكلى جعلوه كالعطش لأنه حرارةٌ في الجوف‏.‏

ومثله لهفان ولهفى ولهف يلهف لهفاً‏.‏

وقالوا‏:‏ حزنان وحزنى لأنه غمٌّ في جوفه وهو كالثكل لأن الثكل من الحزن‏.‏

والندمان مثله وندمى‏.‏

وأما جربان وجربى فإنه لما كان بلاءً أصيبوا به بنوه على هذا كما بنوه على أفعل وفعلاء نحو أجرب وجرباء‏.‏

وقالوا‏:‏ عبرت تعبر عبراً وهي عبرى مثل ثكلى فالثكل مثل السكر والعبر مثل العطش‏.‏

وقالوا‏:‏ عبرى ما قالوا‏:‏ ثكلى‏.‏

وأما ما كان من هذا من بنات الياء والواو التي هي عينٌ فإنما تجيىء على فعل يفعل معتلةً لا على الأصل وذلك عمت تعام عتمةً وهو عيمان وهي عيمى جعلوه كالعطش وهو الذي يشتهي اللبن كما يشتهي ذاك الشراب وجاءوا بالمصدر على فعلةٍ لأنه كان في الأصل على فعلٍ كما كان العطش ونحوه على فعلٍ وكلنهم أسكنوا الياء وأماتوها كما فعلوا ذلك في الفعل فكأن الهاء عوضٌ من الحركة‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ غرت تغار غيرةً وهو في المعنى كالغضبان‏.‏

وقالوا‏:‏ حرت تحار حيرةً وهو حيران وهي حيرى هو في المعنى كالسكران لأن كليهما مرتجٌ عليه‏.‏

  باب ما يبنى على أفعل

أما الألوان فإنها تبنى على أفعل ويكون الفعل على فعل يفعل والمصدر على فعلةٍ أكثر‏.‏

وربما جاء الفعل على فعل يفعل وذلك قولك‏:‏ أدم يأدم أدمةً ومن العرب من يقول‏:‏ أدم يأدم أدمةً وشهب يشهب شهبةً وقهب يقهب قهبةً وكهب يكهب كهبةً‏.‏

وقالوا‏:‏ كهب يكهب كهبةً وشهب يشهب شهبةً‏.‏

وقالوا‏:‏ صدىء يصدأ صدأةً وقالوا‏:‏ أيضاً صدأ كما قالوا‏:‏ الغبس‏.‏

والأغبس‏:‏ البعير الذي يضرب إلى البياض‏.‏

وقالوا‏:‏ الغبسة كما قالوا‏:‏ الحمرة‏.‏

واعلم أنهم يبنون الفعل منه على افعال نحو اشهاب وادهام وايدام‏.‏

فهذا لا يكاد ينكسر في الألوان‏.‏

وإن قلت فيها‏:‏ فعل يفعل أو فعل يفعل‏.‏

وقد يستغنى بافعال عن فعل وفعل وذلك نحو ارزاق واخضار واصفار واحمار واشراب وابياض واسواد‏.‏

واسود وابيض واخضر واحمر واصفر أكثر في كلامهم لأنه كثر فحذفوه والأصل ذلك‏.‏

وقالوا‏:‏ الصهوبة فشبهوا ذلك بأرعن والرعونة‏.‏

وقالوا‏:‏ البياض والسواد كما قالوا‏:‏ الصباح والمساء لأنهما لونان بمنزلتهما لأن المساء سوادٌ والصباح وضحٌ‏.‏

وقد جاء شتى من الألوان على فعل قالوا‏:‏ جون ووردٌ وجاءوا بالمصدر على مصدر بناء وقد جاء شيء منه على فعيل وذلك خصيفٌ وقالوا‏:‏ أخصف وهو أقيس‏.‏

والخصيف‏:‏ سوادٌ إلى الخضرة‏.‏

وقد يبنى على أفعل ويكون الفعل على فعل يفعل والمصدر فعلٌ وذلك ما كان داءً أو عيباً لأن العيب نحو الداء ففعلوا ذلك كما قالوا‏:‏ أجرب وأنكد‏.‏

وذلك قولهم‏:‏ عور يعور عوراً وهو أعور وأدر يأدر أدراً وهو آدر وشتر يشتر شتراً وهو أشتر وحبن يحبن حبناً وهو أحبن وصلع يصلع صلعاً وهو أصلع‏.‏

وقالوا‏:‏ رجلٌ أجذم وأقطع وكأن هذا على قطع وجذم وان لم يتكلم به كما يقولون شتر وأشتر وشترت عينه‏.‏

فكذلك قطعت يده وجذمت يده‏.‏

وقد يقال لموضع القطع‏:‏ القطعة والقطعة والجذمة والجذمة والصلعة والصلعة للموضع‏.‏

وقالوا‏:‏ امرأةٌ سهاء ورجلٌ أسته فجاءوا به على بناء ضده وهو قولهم‏:‏ رجل أرسح ورسحاء وأخرم وخرماء وهو الخرم كما قال بعضهم‏:‏ أهضم وهضماء وهو الهضم‏.‏

وقالوا‏:‏ أغلب أزبر والأغلب‏:‏ العظيم الرقبة والأزبر‏:‏ العظيم الزبرة وهو موضع الكاهل على الكتفين‏.‏

فجاءوا بهذا النحو على أفعل كما جاء على أفعل ما يكرهون‏.‏

وقالوا‏:‏ آذن وأذناء كما قالوا‏:‏ سكاء‏.‏

وقالوا‏:‏ أخلق وأملس وأجرد كما قالوا‏:‏ أخشن فجاءوا بضده على بنائه‏.‏

وقالوا‏:‏ الخشنة كما قالوا‏:‏ الحمرة وقالوا‏:‏ الخشونة كما قالوا‏:‏ الصهوبة‏.‏

واعلم أن مؤنث كل أفعل صفة فعلاء وهي تجري في المصدر والفعل مجرى أفعل وقالوا‏:‏ مال يميل وهو مائلٌ وأميل فلم يجيئوا به على مال يميل وإنما وجه فعل من أميل ميل كما قالوا‏:‏ في الأصيد‏:‏ صيد يصيد صيداً‏.‏

وقالوا‏:‏ شاب يشيب كما قالوا‏:‏ شاخ يشيخ وقالوا‏:‏ أشيب كما قالوا‏:‏ أشمط فجاءوا بالاسم على بناء ما معناه كمعناه وبالفعل على ما هو نحوه أيضاً في المعنى‏.‏

وقالوا‏:‏ أشعر كما قالوا‏:‏ أجرد للذي لا شعر عليه وقالوا‏:‏ أزب كما قالوا‏:‏ أشعر‏.‏

فالأجرد بمنزلة الأرسح‏.‏

وقالوا‏:‏ هوج يهوج هوجاً وهو أهوج كما قالوا‏:‏ ثول يثول ثولاً وأثول وهو الجنون‏.‏

  باب أيضاً في الخصال التي تكون في الأشياء

أما ما كان حسناً أو قبحاً فإنه مما يبنى فعله على فعل يفعل ويكون المصدر فعالاً وفعالةً وفعلاً وذلك قولك‏:‏ قبح يقبح قباحةً وبعضهم يقول قبوحةً فبناه على فعولةٍ كما بناه على فعالةٍ‏.‏

ووسم يوسم وسامةً وقال بعضهم‏:‏ وساماً فلم يؤنث كما قالوا‏:‏ السقام والسقامة‏.‏

ومثل ذلك جمل جمالاً‏.‏

وقالوا‏:‏ حسنٌ فبنوه على فعل كما قالوا بطلٌ‏.‏

ورجلٌ قدمٌ وامرأةٌ قدمةٌ يعني أن لها قدماً في الخير فلم يجيئوا به على مثال جريء وشجاع وكميٍّ وشديد‏.‏

وأما الفعل من هذه المصادر فنحو‏:‏ الحسن والقبح والفعالة أكثر‏.‏

وقالوا‏:‏ نضر وجهه ينضر فبنوه على فعل يفعل مثل خرج يخرج لأن هذا فعل لا يتعداك إلى غيرك كما أن هذا فعلٌ لايتعداك إلى غيرك‏.‏

وقالوا‏:‏ ناضر كما قالوا‏:‏ نضر‏.‏

وقالوا‏:‏ نضيرٌ كما قالوا وسيمٌ فبنوه بناء ما هو نحوه في المعنى وقالوا‏:‏ نضرٌ كما قالوا حسن غلا أن هذا مسكن الأوسط‏.‏

وقالوا‏:‏ ضخمٌ ولم يقولوا‏:‏ ضخيمٌ كما قالوا‏:‏ عظيمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ النضارة كما قالوا الوسامة‏.‏

ومثل الحسن‏:‏ السبط والقطط‏.‏

وقالوا‏:‏ سبط سباطةً وسبوطةً‏.‏

ومثل النضر الجعد‏.‏

وقالوا‏:‏ رجلٌ سبطٌ كما بنوه على فعل‏.‏

وقالوا‏:‏ ملح ملاحةً ومليحٌ وسمح سماحةً وسمحٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ بهو يبهو بهاءً وبهيٌّ كجمل جمالاً وهو جميلٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ شنع شناعةً وهو شنيع‏.‏

وقالوا‏:‏ أشنع فادخلوا أفعل في هذا إذ كان خصلةً فيه كاللون‏.‏

وقالوا‏:‏ شنيعٌ كما قالوا خصيف فأدخلوه على أفعل‏.‏

وقالوا‏:‏ نظف نظافةً ونظيفٌ كصبح صباحةً وصبيحٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ طهر طهراً وطهارةً وطاهرٌ كمكث مكثاً وماكثٌ‏.‏

قال‏:‏ هذيلٌ تقول‏:‏ سميجٌ ونذيلٌ أي نذلٌ وسمجٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ طهرت المرأة كما قالوا‏:‏ طمثت أدخلوها في باب جلست ومكثت لأن مكثت نحو جلست في المعنى‏.‏

وما كان من الصغر والكبر فهو نحوٌ من هذا قالوا‏:‏ عظم عظامةً وهو عظيمٌ ونبل نبالةً وهو نبيلٌ وصغر صغارةً وهو صغيرٌ وقدم قدامةً وهو قديمٌ‏.‏

وقد يجيىء المصدر على فعلٍ وذلك قولك‏:‏ الصغر والكبر والقدم والعظم والضخم‏.‏

وقد يبنون الاسم على فعلٍ وذلك نحو ضخمٍ وفخمٍ وعبلٍ‏.‏

وجهمٌ نحوٌ من هذا‏.‏

وقد يجيىء المصدر على فعولةٍ كما قالوا القبوحة وذلك قولهم‏:‏ الجهومة والملوحة والبحوحة‏.‏

وقالوا‏:‏ كثر كثارةً وهو كثيرٌ وقالوا الكثرة‏:‏ فبنوه على الفعلة والكثير نحو من العظيم في المعنى إلا أن هذا في العدد‏.‏

وقد يقال للإنسان قليلٌ كما يقال قصيرٌ فقد وافق ضده وهو العظيم ألا ترى أن ضد العظيم الصغير وضد القليل الكثير فقد وافق ضد الكثير ضد العظيم في البناء‏.‏

فهذا يدلك على أنه نحو الطويل والقصير ونحو العظيم والصغير‏.‏

والطول في البناء كالقبح وهو نحوه في المعنى لأنه زيادةٌ ونقصانٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ سمنٍ سمناً وهو سمينٌ ككبر كبراً وهو كبيرٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ كبر علي الأمر كعظم‏.‏

وقالوا‏:‏ بطن يبطن بطنةً وهو بطينٌ كما قالوا‏:‏ عظيمٌ وبطن ككبر‏.‏

وما كان من الشدة والجرأة والضعف والجبن فإنه نحوٌ من هذا قالوا‏:‏ ضعف ضعفاً وهو ضعيفٌ وقالوا‏:‏ شجع شجاعةً وهو شجاعٌ وقالوا‏:‏ شجيعٌ‏.‏

وفعالٌ أخو فعيلٍ‏.‏

وقد بنوا الاسم على فعالٍ كما بنوه على فعلوٍ فقالوا‏:‏ جبانٌ وقالوا‏:‏ وقورٌ وقالوا‏:‏ الوقارة كما قالوا‏:‏ الرازانة‏.‏

وقالوا‏:‏ جرء يجرؤ جرأةً وجراءةً وهو جريء وقالوا‏:‏ غلظ يغلظ غلظاً وهو غليظٌ كما قالوا‏:‏ عظم يعظم عظماً وهو عظيمٌ إلا أن الغلظ للصلابة والشدة من الأرض وغيرها‏.‏

وقد يكون كالجهومة وقالوا‏:‏ سهل سهولةً وسهلٌ لأن هذا ضد الغلظ كما أن الضعف ضد الشدة‏.‏

وقالوا‏:‏ سهلٌ كما قالوا‏:‏ ضخمٌ‏.‏

وقد قال بعض العرب‏:‏ جبن يجبن كما قالوا‏:‏ نضر ينضر‏.‏

وقالوا‏:‏ قوي يقوى قوايةً وهو قويٌّ كما قالوا‏:‏ سعد يسعد سعادةً وهو سعيدٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ القوة كما قالوا‏:‏ الشدة إلا أن هذا مضموم الأول‏.‏

وقالوا‏:‏ سرع يسرع سرعاً وهو سريعٌ وبطؤ بطأ وهو بطيءٌ كما قالوا‏:‏ غلظ غلظاً وهو غليظٌ‏.‏

وإنما جعلناهما في هذا الباب لأن أحدهما أقوى على أمره وما يريد‏.‏

وقالوا‏:‏ البطء في المصدر كما قالوا‏:‏ الجبن وقالوا‏:‏ السرعة كما قالوا القوة والسرع كما قالوا‏:‏ الكرم‏.‏

ومثله ثقل ثقلاً وهو ثقيلٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ كمش كماشةً وهو كميشٌ مثل سرع‏.‏

والكماشة‏:‏ الشجاعة‏.‏

وقالوا‏:‏ حزن حزونةً للمكان وهو حزنٌ كما قالوا‏:‏ سهل سهولةً وهو سهل‏.‏

وقالوا‏:‏ صعب صعوبةً وهو صعبٌ لأن هذا إنما هو الغلظ والحزونة‏.‏

وما كان من الرفعة والضعة وقالوا‏:‏ الضعة فهو نحوٌ من هذا قالوا‏:‏ غنى يغنى غنىً وهو غنيٌّ كا قالوا‏:‏ كبر يكبر كبراً وهو كبيرٌ وقالوا‏:‏ فقيرٌ كما قالوا‏:‏ صغيرٌ وضعيفٌ وقالوا‏:‏ الفقر كما قالوا‏:‏ الضعف وقالوا‏:‏ الفقر كما قالوا‏:‏ الضعف‏.‏

ولم نسمعهم قالوا‏:‏ فقر كما لم يقولوا في الشديد شدد استغنوا باشتد وافتقر كما استغنوا باحمار عن حمر وهذا هنا نحوٌ من الشديد والقوي والضعيف‏.‏

وقالوا‏:‏ شرف شرفاً وهو شريفٌ وكرم كرما وهو كريمٌ ولؤم لآمةً وهو لئيمٌ كما قالوا‏:‏ قبح قباحةً وهو قبيحٌ ودنؤ دناءةً وهو دنيءٌ وملؤ ملاءةً وهو مليءٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ وضع ضعةً وهو وضيعٌ‏.‏

والضعة مثل الكثرة والضعة مثل الرفعة‏.‏

وقالوا‏:‏ رفيعٌ ولم نسمعهم قالوا‏:‏ رفع وعليه جاء رفيعٌ وإن لم يتكلموا به واستغنوا بارتفع‏.‏

وقالوا‏:‏ نبه ينبه وهو نابهٌ وهي النباهة كما قالوا‏:‏ نضر ينضر وجهه وهو ناضرٌ وهي النضارة وقالوا‏:‏ نبيه كما قالوا‏:‏ نضيرٌ جعلوه بمنزلة ما هو مثله في المعنى وهو شريفٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ سعد يسعد سعادةً وشقي يشقى شقاوةً وسعيدٌ وشقيٌّ فأحدهما مرفوعٌ والآخر وقالوا‏:‏ رشد يرشد رشداً وراشد وقالوا‏:‏ الرشد كما قالوا‏:‏ سخط يسخط سخطاً والسخط وساخط‏.‏

وقالوا‏:‏ رشيدٌ كما قالوا‏:‏ سعيدٌ وقالوا‏:‏ الرشاد كما قالوا‏:‏ الشقاء‏.‏

وقالوا‏:‏ بخل يبخل بخلاً‏.‏

فالبخل كاللؤم والفعل كفعل شقي وسعد‏.‏

وقالوا‏:‏ بخيلٌ‏.‏

وبعضهم يقول‏:‏ البخل كالفقر والبخل كالفقر وبعضهم يقول البخل كالكرم‏.‏

وقالوا‏:‏ أمر علينا أمير كنبه وهو نبيهٌ والإمرة كالرفعة والإمارة كالولاية‏.‏

وقالوا‏:‏ وكيلٌ ووصيٌّ وجريٌّ كما قالوا‏:‏ أميرٌ لأنها ولاية‏.‏

ومثل هذا لتقاربه‏:‏ الجليس والعديل والضجيع والكميع والخليط والنزيع‏.‏

فأصل هذا كله العديل ألا ترى أنك تقول من هذا كله فاعلته‏.‏

وقد جاء فعلٌ قالوا‏:‏ خصمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ خصيمٌ‏.‏

وما أتى من العقل فهو نحوٌ من ذا قالوا‏:‏ حلم يحلم حلماً وهو حليمٌ فجاء فعل في هذا الباب كما جاء فعل فيما ذكرنا‏.‏

وقالوا‏:‏ ظرف ظرفاً وهو ظريفٌ كما قالوا‏:‏ ضعف ضعفا وهو ضعيفٌ وقالوا في ضد الحلم‏:‏ جهل جهلاً وهو جاهلٌ كما قالوا‏:‏ حرد حرداً وهو حاردٌ فهذا ارتفاعٌ في الفعل واتضاع‏.‏

وقالوا‏:‏ علم علماً فالفعل كبخل يبخل والمصدر كالحلم وقالوا‏:‏ علامٌ كما قالوا في الضد‏:‏ جاهلٌ وقالوا‏:‏ عليمٌ كما قالوا‏:‏ حليمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ فقه وهو فقيهٌ والمصدر فقهٌ كما قالوا‏:‏ علم علماً وهو عليمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ اللب واللبابة ولبيبٌ كما قالوا‏:‏ اللؤم واللآمة ولئيمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ فهم يفهم فهماً وهو فهم ونقه ينقه نقهاً وهو ننقهٌ وقالوا‏:‏ النقاهة والفهامة كما قالوا‏:‏ اللبابة‏.‏

وسمعناهم يقولون‏:‏ ناقةٌ كما قالوا‏:‏ عالمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ لبق يلبق لباقةً وهو لبقٌ لأن ذا علمٌ وعقلٌ ونفاذٌ فهو بمنزلة الفهم والفهامة‏.‏

وقالوا‏:‏ الحذق كما قالوا‏:‏ العلم وقالوا‏:‏ حذق يحذق كما قالوا‏:‏ صبر يصبر‏.‏

وقالوا‏:‏ رفق يرفق رفقاً وهو رفيقٌ كما قالوا‏:‏ حلم يحلم حلماً وهو حليمٌ وقالوا‏:‏ رفق كما قالوا‏:‏ فقه‏.‏

وقالوا‏:‏ عقل يعقل عقلاً وهو عاقلٌ كما قالوا‏:‏ عجز يعجز عجزاً وهو عاجزٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ العقل كما قالوا‏:‏ الظرف أدخلوه في باب عجز يعجز لأنه مثله في أنه لا يتعدى الفاعل‏.‏

وقالوا‏:‏ رزن رزانةً وهو رزينٌ ورزينةٌ‏.‏

وقالوا للمرأة‏:‏ حصنت حصناً وهي حصانٌ كجبنت جبناً وهي جبانٌ‏.‏

وإنما هذا كالحلم والعقل‏.‏

وقالوا‏:‏ حصنا كما قالوا‏:‏ علما وقالوا‏:‏ حصنا مثل قولهم‏:‏ جبنا‏.‏

ويقال لها أيضاً ثقالٌ ورزان‏.‏

وقالوا‏:‏ صلف يصلف صلفاً وهو صلفٌ كقولهم‏:‏ فهم فهماً وفهمٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ رقع رقاعةً ورقيع كقولهم‏:‏ حمق حماقةً لأنه مثله في المعنى‏.‏

وقالوا‏:‏ الحمق كما قالوا‏:‏ الجبن وقالوا‏:‏ أحمق كما قالوا‏:‏ أشنع وقالوا‏:‏ خرق خرقا وأخرق وقالوا‏:‏ أحمق وحمقاء وحمقٌ‏.‏

وقالوا‏:‏ النواكة وأنوك وقالوا‏:‏ استنوك ولم نسمعهم يقولون‏:‏ نوك كما لم يقولوا فقر‏.‏

وقالوا‏:‏ حمقٌ فاجتمعا كما قالوا‏:‏ نكدٌ وأنكد‏.‏

واعلم أن ما كان من التضعيف من هذه الأشياء فإنه لا يكاد بكون فيه فعلت وفعل لأنهم قد يستثقلون فعل والتضعيف فلما اجتمعا حادوا إلى غير ذلك وهو قولك‏:‏ ذل يذل ذلاً وذلةً وذليلٌ فالاسم والمصدر يوافق ما ذكرنا والفعل يجيء على باب جلس يجلس‏.‏

وقالوا‏:‏ شحيحٌ والشح كالبخيل والبخل وقالوا‏:‏ شح يشح‏.‏

وقالوا‏:‏ شححت كما قالوا‏:‏ بخلت وذلك لأن الكسرة أخف عليهم من الضمة ألا ترى أن فعل وقالوا‏:‏ ضننت ضناً كرفقت رفقا وقالوا‏:‏ ضننت ضنانة كسقمت سقامةً‏.‏

وليس شيءٌ أكثر في كلامهم من فعلٍ‏.‏

ألا ترى أن الذي يخفف عضداً وكبداً لا يخفف جملاً‏.‏

وقالوا‏:‏ لب يلب وقالوا‏:‏ اللب واللبابة واللبيب‏.‏

وقالوا‏:‏ قل يقل قلةً ولم يقولوا فيه كما قالوا في كثر وظرف‏.‏

وقالوا‏:‏ عف يعف عفة وعفيفٌ‏.‏

وزعم يونس أن من العرب من يقول لببت تلب كما قالوا‏:‏ ظرفت تظرف وإنما قل هذا لأن هذه الضمة تستثقل فيما ذكرت لك فلما صارت فيما يستثقلون فاجتمعا فروا منهما‏.‏

  باب علم كل فعل تعداك إلى غيرك

اعلم أنه يكون كل ما تعداك إلى غيرك على ثلاثة أبنية‏:‏ على فعل يفعل وفعل يفعل وفعل يفعل وذلك نحو ضرب يضرب وقتل يقتل ولقم يلقم‏.‏

وهذه الأضرب تكون فيما لا يتعداك وذلك نحو جلس يجلس وقعد يقعد وركن يركن‏.‏

ولما لا يتعداك ضربٌ رابع لا يشركه فيه ما يتعداك وذلك فعل يفعل نحو كرم يكرم وليس في الكلام فعلته متعديا‏.‏

فضروب الأفعال أربعةٌ يجتمع في ثلاثةٍ ما يتعداك وما لا يتعداك ويبين بالرابع مالا يتعدى وهو فعل يفعل‏.‏

وليفعل ثلاثة أبنية يشترك فيها ما يتعدى وما لا يتعدى‏:‏ يفعل ويفعل ويفعل نحو يضرب ويقتل ويلقم‏.‏

وفعل على ثلاثة أبنية وذلك فعل وفعل وفعل نحو قتل ولزم ومكث‏.‏

فالأولان مشتركٌ فيها المتعدي وغيره والآخر لما لا يتعدى كما جعلته لما لا يتعدى حيث وقع رابعاً‏.‏

وقد بنوا فعل على يفعل في أحرف كما قالوا‏:‏ فعل يفعل فلزموا الضمة وكذلك فعلوا بالكسرة فشبه به‏.‏

وذلك حسب يحسب ويئس ييئس ويبس ييبس ونعم ينعم‏.‏

سمعنا من العرب من يقول‏:‏ وهل ينعمن من كان في العصر الخالي وقال‏:‏ واعوج غصنك من لحوٍ ومن قدم لا ينعم الغصن حتى ينعم الورق وقال الفرزدق‏:‏ وكومٍ تنعم الأضياف عيناً وتصبح في مباركها ثقالا وقد جاء في الكلام فعل يفعل في حرفين بنوه على ذلك كما بنوا فعل على يفعل لأنهم قد قالوا في فعل فأدخلوا الضمة كما تدخل في فعل‏.‏

وذلك فضل يفضل ومت تموت‏.‏

وفضل يفضل ومت تموت أقيس‏.‏

وقد قال بعض العرب‏:‏ كدت تكاد فقال فعلت تفعل كما قال فعلت أفعل وكما ترك الكسرة كذلك ترك الضمة‏.‏

وهذا قول الخليل وهو شاذٌ من بابه كما أن فضل يفضل شاذ من بابه فكما شركت يفعل يفعل كذلك شركت يفعل يفعل‏.‏

وهذه الحروف من فعل يفعل إلى منتهى الفصل شواذ‏.‏

  هذا باب ما جاء من المصادر

وفيه ألف التأنيث وذلك قولك‏:‏ رجعته رجعى وبشرته بشرى وذكرته ذكرى واشتكيت شكوى وأفتيته فتيا وأعداه عدوى والبقيا‏.‏

فأما الحذيا فالعطية والسقيا ما سقيت وأما الدعوى فهو ما ادعيت‏.‏

وقال بعض العرب‏:‏ اللهم أشركنا في دعوى المسلمين‏.‏

ولت ودعواها كثيرٌ صخبه فدخلت الألف كدخول الهاء في المصادر‏.‏

وقالوا‏:‏ الكبرياء للكبر‏.‏

وأما الفعيلى فتجىء على وجهٍ آخر تقول‏:‏ كان بينهم رمياً فليس يريد قوله‏:‏ رمياً ولكنه يريد ما كان بينهم من الترامي وكثرة الرمي ولا يكون الرميا واحداً‏.‏

وكذلك الحجيزي‏.‏

وأما الحثيثي فكثرة الحث كا أن الرميا كثرة الرمى ولا يكون من واحد‏.‏

وأما الدليلي فإنما يراد به كثرة علمه بالدلالة ورسوخه فيها‏.‏

وكذلك القتيتي والهجيري‏:‏ كثرة الكلام والقول بالشيء‏.‏

والخليفي‏:‏ كثرة تشاغله بالخلافة وامتداد أيامه فيها‏.‏

  باب ما جاء من المصادر على فعول

وذلك قولك‏:‏ توضأت وضوءاً حسناً وأولعت به ولوعا‏.‏

وسمعنا من العرب من يقول‏:‏ وقدت النار وقوداً عالياً وقبله قبولاً والوقود أكثر‏.‏

والوقود‏:‏ الحطب‏.‏

وتقول‏:‏ إن على فلان لقبولاً فهذا مفتوح‏.‏

ومما جاء مخالفاً للمصدر لمعنىً قولهم‏:‏ أصاب شبعه وهذا شبعه إنما يريد قدر ما يشبعه‏.‏

وتقول‏:‏ شبعت شبعاً وهذا شبعٌ فاحشٌ إنما تريد الفعل‏.‏

وطعمت طعماً حسناً وليس له طعمٌ إنما يريد ليس للطعام طيبٌ‏.‏

وتقول‏:‏ ملأت السقاء ملئاً شديداً وهو ملء هذا أي قدر ما يملأ هذا‏.‏

وقد يجيىء غير مخالف تقول‏:‏ رويت رياً وأصاب ريه وطعمت طعماً وأصاب طعمه ونهل نهلاً وأصاب نهله‏.‏

وتقول‏:‏ خرصه خرصاً وما خرصه أي ما قدره‏.‏

وكذلك الكيلة‏.‏

وقالوا‏:‏ قته قوتاً‏.‏

والقوت‏:‏ الرزق فلم يدعوه على بناء واحد كما قالوا‏:‏ الحلب في الحليب والمصدر‏.‏

وقد يقولون الحلب وهم يعنون اللبن‏.‏

ويقولون‏:‏ حلبت حلباً يريدون الفعل الذي هو مصدر‏.‏

فهذه أشياء تجيء مختلفة ولا تطرد‏.‏

وقالوا‏:‏ مريتها مرياً إذا أرادوا عمله‏.‏

ويقول‏:‏ حلبتها مريةً لا يريد فعلةً ولكنه يريد نحواً من الدرة والحلب‏.‏

وقالوا لعنةٌ للذي يلعن‏.‏

واللعنة المصدر‏.‏

وقالوا‏:‏ الخلق فسووا بين المصدر والمخلوق‏.‏

فاعرف وقالوا‏:‏ كرع كروعاً‏.‏

والكرع‏:‏ الماء الذي يكرع فيه‏.‏

وقالوا‏:‏ درأته درءاً وهو ذو تدرإٍ أي ذو عدة ومنعةٍ لا تريد العمل‏.‏

وكاللعنة السبة إذا أرادوا المشهور بالسب واللعن فأجروه مجرى الشهرة‏.‏

وقد يجيء المصدر على المفعول وذلك قولك‏:‏ لبنٌ حلبٌ إنما تريد محلوبٌ وكقولهم‏:‏ الخلق إنما يريدون المخلوق‏.‏

ويقولون للدرهم‏:‏ ضرب الأمير إنما يريدون مضروب الأمير‏.‏

ويقع على الفاعل وذلك قولك يومٌ غمٌّ ورجلٌ نومٌ إنما تريد النائم والغام‏.‏

وتقول‏:‏ ماءٌ صرىً إنما تريد صرٍ خفيفٌ إذا تغير اللبن في الضرع‏.‏

وهو صرىً‏.‏

فتقول‏:‏ هذا اللبن صرىً وصرٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ معشرٌ كرمٌ فقالوا هذا كما يقولون‏:‏ هو رضى وإنما يريدون المرضي فجاء للفاعل كما جاء للمفعول‏.‏

وربما وقع على الجميع‏.‏

وجاء واحد الجميع على بنائه وفيه هاء التأنيث كما قالوا‏:‏ بيضٌ وبيضةٌ وجوز وجوزةٌ وذلك قولك‏:‏ هذا شمطٌ وهذه شمطةٌ وهذا شيبٌ وهذه شيبةٌ‏.‏